الجمعة، ١٩ يونيو ٢٠٠٩

كل

العرب لا يستعمل "كل" على معنى "الجميع"، حتى يشمل كل الأفراد الموجودة بلا استثناء. ليفهم هذه الحقيقة هيا نقرأ قوله تعالى (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) مع ما نعرفه أن الملائكة من النور وليس من الماء، فما معنى كل في الأية إلا للإشارة إلى أن كل ليس لإفادة الأفراد بلا استثناء ولكن الشمول عن عدد معين في نوع معين. وهو بمعنى محدد.

وقول الرسول (( كل ابن أدم خطائون )) مع كونه صلى الله عليه وسلم منه وهو معصوم. فصيغة فعال للمبالغة وإفادة التكثير لا يليق بالنبي من أي وجه كان مطلقا، وهو خارج من معنى كل، كما حاله بقية الأنبياء. فافهم معنى المبالغة في هذه الصيغة.

وقول الله (( .. يأخذ كل سفينة غصبا )) في قصة خيضر مع موسى عليهما السلام، فكل ليس لإفادة الشمول بلا استثناء ألا ترى أن السفينة خرقه خيضر ليمنع مالكا ورأءهم يغصبها فلو غصبها سالمة كانت أو معيبة فما فائدة عمله في الخرق؟ وهو نبي أخبره الله بالغيب. فالمقصود من الكل - كل سفينة سالمة.

فقول الرسول ((وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) يدل على كل محدثة ويريد منه محدثة في الدين، ويقول كل بدعة ويراد منه بدعة سيئة. لو قال قائل بأن ليس فيها ما يدل على معنى السيئة في تخصيص البدعة، فنقول هذا هو مفهوم دون السؤال! كما نفهمه بأن المصطفى لا يريد التعميم في كل المحدثات دينينة و هندسية و لغوية و غيرها، كذلك نفهمه بأن لا يرد كل بدعة وسماها ضلالة بإطلاق.

صفوة القول، ألا ترى أذا أتن معلم ودخلت الفصل من الفصول في المدرسة وتقول : لكل طالب أن يحمل معه صورة، هل يفهمه طالب أن كل يطلق لكل فرد في فصلك وفصول أخرى، أو هو مخصوص لطلبتك في فصلك الخاص؟

لتأكيد ما أقوله، ألا ترى أن العرب يجوز ويسوع التاكيد بلفظ كل على الواحد ما دام الواحد له أجزاء، ولا يستلزم على الجمع بل لا يستلزم من الجمع منتهى الجموع! فيقول: أشتري البيت كله، والبيت واحد في العدد.

والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: