السبت، ٢١ نوفمبر ٢٠٠٩

النعت والإضافة

ذات يوم، حينما أزور بيت الطلبة بالرابعة العدوية، سئلت هذه المسئلة. هل التعبير ( ملك السفارة الماليزية ) صحيح أو أنه خطأ والصحيح ( ملك سفارة ماليزيا )؟ ربما العاتب لمثل هذا التعبير يفهم العربية في بعض أحكامها ولا يحكمها. نظرا لهذا الاشكال، قمت بتوضيحه لمن جاءني يسأل، على أنه صحيح التعبير، واضح العبارة، وقد سدد هدفه!

فما منبع هذا الاشكال؟ وما باعثه؟ أن العاتب يفهم قاعدة الاضافة، ولا يفهم النعت والمنعوت تمام الفهم. أو ظن أن النعت (وهو المايزية) هو التعبير عن امراة ماليزية! وقال بالتسخير أمام هذا بأنه يعفى عنه لأن معظم سكانها هم البنات ! ربما يفهم أن الكلمة ( الماليزية ) لا تصدق إلا على امرأة. فأقول موضحا عن هذا الوهم بأن الكلمة الماليزية، كما أنها تصدق لامرأة تصدق أيضا لكل منعوت صحت نسبته إليه! فنقول امرأة ماليزية وسفارة ماليزية وإصدارات ماليزية وعادات ماليزية وملابس ماليزية وما إلى ذلك.

فالصفة أو النعت إما أن يكون تعريفا أو تخصيصا. فنقول في حق السفارة الماليزية تخصيص وفي حق سفارة ماليزية تعريف. كأننا نخصص العموم ونعرف المجهول. على كل حال كلاهما صحيح، إما بالإضافة أو بالنعت.

المواعظ والتوصية

تفكرت كثيرا في كل ما أريد أن ألقي لغيري شيئا من النصيحة والموعظة. ربما تأثرت بما قاله إمامنا الغزالي حجة الإسلام رحمه الله المجدد للقرن الخامس المولود سنة 450 هـجرة المتوفى سنة 505 حين سأله الآخر النصيحة فقال - ما معناه - إن النصيحة زكاة. فكيف أن ألقي لكم النصيحة فلم يبلغ مني نصابها؟ ربما فهمت من هذه العبارة، أن النصيحة والتوصية بمثلها دون أن يتوفر لك الحظ من المواعظ لا يليق، أو كيف أن تخرج الزكاة وأنت لا يكفيك من المواعظ نفسها؟ أو قد تكون العطية تقليلا لحظك القليل كما أنه تقليل لحظك الوافر.

إلا أني أجد أن على المسلم أن ينصح أخيه خيرا كلما وجد بينهم ما يؤدي إلى الفساد، أو أن ينصح إذا طلب منه، على قدر ما يطلب منه. أما الزيادة من هذا، أو في تحريض المستقيم على طريقه، فهذا جائز، ومن قبل الفضل. ففكر أنت الذي تحب أن تنصح غيرك، كم حظك من المواعظ؟ هل لامتلائها في نفسك حتي تلقيها أو على عكس ما قلته؟

فوجدت بمثل هذا كلما قل مني الحظ من الواعظ فتصدرت للتوصية. وجدت نفسي تضعف للإقدام كأني أخرج الزكاة قبل أوانها، أو أخرج أكثر مما عندي من المال، حتى أفتقر إلى المواعظ الأخرى لأدخر في نفسي. مع أن هذه المواعظ القليلة قد نفيت بالمعاصي والذنوب فأصبحتت حينما ألقي بمثل هذه المواعظ فقيرا يتصدق وليس له شيء وهو عيال لغيره ويخرج ما لا يملكه؟ أو كأني أستقرض من غيري المال لأتصدق وأنا جائع؟

لا أقول إن النصيحة والتوصية ليست مهمة، ولكن أريد أن أشيرنا جميعا إلى الادخار بمثل هذه المواعظ قبل إلقائه للغير، أو أن نستغفر الله حتي لا تغيب عنا هذه المواعظ، وأن ندخرها بعد أن نتصدق لأخينا - ما هي إلا بالتكثير من العمل الخير والمراقبة لمن جل شأنه لا غيره وبمحبة النبي لا نبي بعده. اللهم جد بنا بالموعظة الحسنة، واعصمنا مما تحرمنا منه، واحملنا على الحق، وأدمنا في طريقك الحق. اللهم آمين.

الأحد، ٦ سبتمبر ٢٠٠٩

السفر الختام

أزور صديقا لي في طنطا قبل سفره الختام بيوم إلى مالزيا. ذلك بعد أن طلبني وحثني بزيارته وإني لا أريد أن أخيب أمله الأخير. قاصدا من القاهرة ساعة الثالثة مساءا منفردا إلى طنطا ووصلت بالأرض المقصودة المغرب. أفطرت في طريقي هناك وذهبت إلى بيوت أصدقاء لي، وأديت القيام (التراويح) على ما وسعني من الأوقات.

إليه أوجه هذا المقال. ارحل بطيب النفس، واجهد بكل الوسع. أرح نفسك، وأدم ذكرك إليه تعالى وانو خيرا. ثق بنفسك واعتن بها. لا تؤجل الأمر إذا تهيأت لك المؤنة للنكاح. اعتمد على الله في كل ما خطر ببالك، تيقنت بتنفيذه أو لا. ذاك قيمة المؤمن العابد المتوكل على الله، المعتبر بضعف نفسه وغلبة ربه عليه، بأنه فقير إليه، في كل الأمور، حقيرها وعظيمها. فكر في عظمة تعالى، رب كل شيئ، مدبر كل أمر، لا تدعي القوة والقوة لله، وأنت لا تقهر الله!

اللهم بارك لصديقي هذا، أنزل عليه البركات والحسنات والخيرات من كل الجهات.

السبت، ٢٠ يونيو ٢٠٠٩

العهد بمعنى معهود بمعنى معروف

سمعت من بعض إخوتي قال في بيان معنى العهد - حول ال العهد - أن العهد معناه الوعد. كذالك كنت من قبل هذا فهمته بمعنى العقد. ولكن بعد ما قرأت بشيء من التفصيل في بعض الكتب، وبعد أن لازمت المعجم، أكتشف أن العهد هو المعهود، وهو بمعنى المعروف. تقول في حق هذه الكلمة، عهدته أي عرفته، فالعهد بمعنى المعهود، والمعهود بمعنى المعلوم.

فقلت لصديقي عارضا ما اكتشفت من الحقيقة: قلت لك ما لم أسمعه من العرب عن معنى العهد ولكن أظن أو أتيقن أنهم قد فهموه دون الشرح لمثل هذه الكلمة، كيف وهو العرب ونحن من الأعجمين لم نفهم حق الفهم لهذه الكلمة أو نظن قد سددنا أو وافقنا وفي الحقيقة لم نسدد. فالعهد هو المعهود، وهو المصدر بمعنى المفعول، فالمعهود معناه معروف.

عندما أتاحت لي الفرصة للسوال إلى أستاذي الفاضل الشيخ فتحي عبد الرحمن حجازي عن معنى العهد فصدقني بما عرفت. فحمدت الله بما وفقني من السداد وسألته المزيد من التوفيق و العصمة.

الجمعة، ١٩ يونيو ٢٠٠٩

كل

العرب لا يستعمل "كل" على معنى "الجميع"، حتى يشمل كل الأفراد الموجودة بلا استثناء. ليفهم هذه الحقيقة هيا نقرأ قوله تعالى (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) مع ما نعرفه أن الملائكة من النور وليس من الماء، فما معنى كل في الأية إلا للإشارة إلى أن كل ليس لإفادة الأفراد بلا استثناء ولكن الشمول عن عدد معين في نوع معين. وهو بمعنى محدد.

وقول الرسول (( كل ابن أدم خطائون )) مع كونه صلى الله عليه وسلم منه وهو معصوم. فصيغة فعال للمبالغة وإفادة التكثير لا يليق بالنبي من أي وجه كان مطلقا، وهو خارج من معنى كل، كما حاله بقية الأنبياء. فافهم معنى المبالغة في هذه الصيغة.

وقول الله (( .. يأخذ كل سفينة غصبا )) في قصة خيضر مع موسى عليهما السلام، فكل ليس لإفادة الشمول بلا استثناء ألا ترى أن السفينة خرقه خيضر ليمنع مالكا ورأءهم يغصبها فلو غصبها سالمة كانت أو معيبة فما فائدة عمله في الخرق؟ وهو نبي أخبره الله بالغيب. فالمقصود من الكل - كل سفينة سالمة.

فقول الرسول ((وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) يدل على كل محدثة ويريد منه محدثة في الدين، ويقول كل بدعة ويراد منه بدعة سيئة. لو قال قائل بأن ليس فيها ما يدل على معنى السيئة في تخصيص البدعة، فنقول هذا هو مفهوم دون السؤال! كما نفهمه بأن المصطفى لا يريد التعميم في كل المحدثات دينينة و هندسية و لغوية و غيرها، كذلك نفهمه بأن لا يرد كل بدعة وسماها ضلالة بإطلاق.

صفوة القول، ألا ترى أذا أتن معلم ودخلت الفصل من الفصول في المدرسة وتقول : لكل طالب أن يحمل معه صورة، هل يفهمه طالب أن كل يطلق لكل فرد في فصلك وفصول أخرى، أو هو مخصوص لطلبتك في فصلك الخاص؟

لتأكيد ما أقوله، ألا ترى أن العرب يجوز ويسوع التاكيد بلفظ كل على الواحد ما دام الواحد له أجزاء، ولا يستلزم على الجمع بل لا يستلزم من الجمع منتهى الجموع! فيقول: أشتري البيت كله، والبيت واحد في العدد.

والله أعلم.

الخميس، ١٨ يونيو ٢٠٠٩

أول الكلام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

اعلم يا أخي المسلم، علمنا النبي لأن نبدأ عملنا باسم الله والحمد عليه والثناء عليه، فبهما بدأنا. أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع ))

أخرجه ابن حبان في صحيحه

البداية شيء مهم، يصاحبها تعاليم الإسلام، نقرأ القرأن فنستعذ بالله، نأكل الطعام فنسمي الله، نلتقي الأخر فنقرأ السلام، نبدأ العمل فنحمد الله. ذلك لأن يرحم الله ويحيطنا بالتوفيق والعصمة على سبيله القويم

فلكل شيء هدفه، ولكل سبيله، قال المثل: من سار على دربه وصل.

أود أن أستخدم هذه المدونة لتعبير عما يجول في خاطري بكلام عربي كي يقرأه غيري ويفهم جهة نظري في الشيء خصوصا في اصطدام الفكرتين العربية والملايوية . لعل الباعث فيه قصة صديقي في تسمية ابنه بمفتاح العليا. فعلقه العرب: ما هذا الاسم، وهذا التعليق لا يفهمه هو ولا يبالي به. فبعد أن أمعنت النظر فيه وجدت الخطاْ فيه من إضافة الموصوف إلى الصفة أو إضافة الذات إلى النعت.

فهذا ليس مكان التعريض عن أراءي النحوية ولكن حاولت التعريض فيما وصفت من قبل. لعل هذا هو الباعث ولكن أريد أن أعرض أي شيء خطر في خاطري أو ذهني. لعل هذا التعميم لا يضيقني للكتابة عن أي شيء ولو في أمور بسيطة مليلة عادية ويومية