السبت، ٢١ نوفمبر ٢٠٠٩

المواعظ والتوصية

تفكرت كثيرا في كل ما أريد أن ألقي لغيري شيئا من النصيحة والموعظة. ربما تأثرت بما قاله إمامنا الغزالي حجة الإسلام رحمه الله المجدد للقرن الخامس المولود سنة 450 هـجرة المتوفى سنة 505 حين سأله الآخر النصيحة فقال - ما معناه - إن النصيحة زكاة. فكيف أن ألقي لكم النصيحة فلم يبلغ مني نصابها؟ ربما فهمت من هذه العبارة، أن النصيحة والتوصية بمثلها دون أن يتوفر لك الحظ من المواعظ لا يليق، أو كيف أن تخرج الزكاة وأنت لا يكفيك من المواعظ نفسها؟ أو قد تكون العطية تقليلا لحظك القليل كما أنه تقليل لحظك الوافر.

إلا أني أجد أن على المسلم أن ينصح أخيه خيرا كلما وجد بينهم ما يؤدي إلى الفساد، أو أن ينصح إذا طلب منه، على قدر ما يطلب منه. أما الزيادة من هذا، أو في تحريض المستقيم على طريقه، فهذا جائز، ومن قبل الفضل. ففكر أنت الذي تحب أن تنصح غيرك، كم حظك من المواعظ؟ هل لامتلائها في نفسك حتي تلقيها أو على عكس ما قلته؟

فوجدت بمثل هذا كلما قل مني الحظ من الواعظ فتصدرت للتوصية. وجدت نفسي تضعف للإقدام كأني أخرج الزكاة قبل أوانها، أو أخرج أكثر مما عندي من المال، حتى أفتقر إلى المواعظ الأخرى لأدخر في نفسي. مع أن هذه المواعظ القليلة قد نفيت بالمعاصي والذنوب فأصبحتت حينما ألقي بمثل هذه المواعظ فقيرا يتصدق وليس له شيء وهو عيال لغيره ويخرج ما لا يملكه؟ أو كأني أستقرض من غيري المال لأتصدق وأنا جائع؟

لا أقول إن النصيحة والتوصية ليست مهمة، ولكن أريد أن أشيرنا جميعا إلى الادخار بمثل هذه المواعظ قبل إلقائه للغير، أو أن نستغفر الله حتي لا تغيب عنا هذه المواعظ، وأن ندخرها بعد أن نتصدق لأخينا - ما هي إلا بالتكثير من العمل الخير والمراقبة لمن جل شأنه لا غيره وبمحبة النبي لا نبي بعده. اللهم جد بنا بالموعظة الحسنة، واعصمنا مما تحرمنا منه، واحملنا على الحق، وأدمنا في طريقك الحق. اللهم آمين.

ليست هناك تعليقات: